أزمة داخل "البام".. تجميد عضوية أبو الغالي وسط خلافات حول التعديل الحكومي
وصف صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الثلاثية لحزب الأصالة والمعاصرة، قرار المكتب السياسي بتجميد عضويته بسبب "قضية تجارية"، بأنه "سلوك تحكمي واستبدادي" صادر عن منسقة القيادة فاطمة الزهراء المنصوري، وربط ذلك بمشاورات ما قبل التعديل الحكومي، مما يعني دخول "البام" في أزمة جديدة بعد 7 أشهر فقط من مؤتمره الوطني الذي اختار خلاله الأمين العام السابق، عبد اللطيف وهبي، عدم الترشح لولاية جديدة.
وبشكل مفاجئ، قرر المكتب السياسي للحزب إبعاد أبو الغالي عن دواليبه عبر تجميد عضويته، في خطوة تأكدت رسميًا صباح اليوم الأربعاء، بعدما جرى الإعلان عنها في بيان نشره الموقع الرسمي لـ"البام"، والذي أكد أن القرار استند إلى تقرير داخلي.
وجاء في البيان: "في القضايا التنظيمية للحزب، توقف المكتب السياسي عند مضمون تقرير تنظيمي مفصل يحتوي على شكايات خاصة لا علاقة لها بالمال العام، تتهم صلاح الدين أبو الغالي، عضو المكتب السياسي والقيادة الجماعية للحزب، بشبهة ارتكاب خروقات للنظام الأساسي للحزب وتمس بقيمه، كما تخالف ميثاق الأخلاقيات الذي صادق عليه الحزب، فقرر المكتب السياسي بإجماع أعضائه تجميد عضويته من المكتب السياسي والقيادة الجماعية للحزب، وإحالة الملف على لجنة الأخلاقيات".
ولم يطل انتظار أبو الغالي طويلًا، حيث أصدر وثيقة أسماها "بيان من أجل الديمقراطية في البام"، جاء فيها: "لقد فاجأتني، حتى حد الصدمة والذهول، السلوكيات التحكمية الاستبدادية لعضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة، فاطمة الزهراء المنصوري، التي أصبح تدبيرها التنظيمي والسياسي وكأن حزب الأصالة والمعاصرة ضيعة خاصة تتصرف فيها وفق أهوائها، بعيدًا عن القيم النبيلة التي آمنا بها".
وأوضح أبو الغالي أنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من المنصوري للحضور إلى مقر الحزب قبل ساعة من موعد اجتماع المكتب السياسي، وهناك وجد إلى جانبها عضو القيادة الجماعية المهدي بنسعيد، وسمير كودار رئيس جهة مراكش تانسيفت الحوز، وأحمد التويزي، رئيس الفريق البرلماني عن مدينة مراكش، ليتم استفساره عن خلاف تجاري بينه وبين عضو من الحزب، والذي يعتزم مقاضاته.
وأشار أبو الغالي في بيانه إلى أن "المنصوري كانت قد حزمت أمرها، واتخذت قرارها بغير وجه حق، للضغط عليَّ لتغليب كفة الربح لصالح الطرف الآخر، وطلبت مني تقديم استقالتي في حال رفضي الانصياع لأمرها، فرفضت تمامًا، على اعتبار أن ما تتحدث عنه هي أمور تجارية لا علاقة لها بالحزب أو بتدبير الشأن العام. فهددتني بأنها ستطلب تجميد عضويتي في اجتماع المكتب السياسي، فكان ردي هو الاحتكام إلى الحكامة الحزبية".
وأضاف في الوثيقة أن "السلوك الاستبدادي" للمنصوري هو "تطاول" على ميثاق الأخلاقيات الذي صادق عليه المجلس الوطني، حيث تنص المادة 13 على أن "للمكتب السياسي تجميد العضوية لأحد أعضاء الحزب وتوجيه إنذارات في حق كل منخرط، ويختص بالإحالة على اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات لاتخاذ ما يلزم في حق من يشغل مهمة انتدابية أو نيابية حُركت في مواجهته متابعة من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام بناء على إحالة المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للمالية أو الداخلية. ولا علاقة لكل هذا بالمعاملات التجارية الخاصة".
وتابع أنه وفق المادة 14، "تصدر اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات قرارًا بتجميد العضوية في حق كل منخرط بالحزب صدر بحقه قرار قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام ما لم يُرد له اعتباره".
وأكد أبو الغالي أن "الخلاف المعني هو خلاف تجاري بين شخصين متعاملين تجاريًا، فهو مشكلة شخصية، بين شخصين لديهما من الرشد والأهلية ما يمكّنهما من حل المشكلة، وإذا استعصى الحل، فهناك القضاء، وليس طريق حزب الأصالة والمعاصرة ولا طريق المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية للأمانة العامة للبام".
وأضاف أبو الغالي أن "النقطة التي أفاضت الكأس" كانت عندما رافقت المنصوري سمير كودار إلى الاجتماع الأخير لهيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في يونيو 2024 بالرباط، ونشرت صورة له بصحبتها مع رئيسي الحزبين المشكلين للتحالف الحكومي، وقال: "وجّهتُ لها، بكل رفاقية حزبية، ملاحظة حول الاجتماع، وأن الأحرى كان يجب أن يرافقها أحد عضوي القيادة الجماعية للأمانة العامة، ومنذ ذلك الوقت، بدأ الخلاف يحتدّ ويتأجج".
وفي ربط صريح بالتعديل الحكومي المرتقب، قال أبو الغالي إن المنصوري "أصبح شغلها الشاغل حاليًا اللقاءات المعلنة وغير المعلنة، مع أسماء بعينها حدّدتها وحدها، لتتهيّأ للتعديل الحكومي المرتقب، مع التكتّم على الاتصالات والتواصلات و"المحادثات" ومعايير الانتقاء ولائحة الأسماء التي ستقدمها لرئيس الحكومة".
واختتم أبو الغالي بيانه بالقول إن المنصوري ليست إلا عضوة متساوية مع باقي القيادة الجماعية، مضيفًا أنه ارتأى، مع العضو الثالث في القيادة، المهدي بنسعيد، تعيينها منسقة مع المؤسسات، فيما يتعلق بالمشاورات في حال طلبها رئيس الحكومة"، وتابع: "سبق أن اقترحت تشكيل لجنة موسعة لانتقاء المرشحين للاستوزار زيادة في الوضوح والشفافية، حتى لا يتسلل بعض "المقربين" إلى المناصب دون كفاءة أو مصداقية".
وختم قائلًا: "هذا الخلاف بيننا دفعها لاختلاق الأسباب الواهية والأكاذيب المفضوحة لإبعادي في هذه المرحلة عن مراقبة ما يجري، وتمكين سمير كودار من شغل منصبي، في مخالفة لقرارات الحزب وضدًا على القانون"، مضيفًا: "أستنكر هذا التصرف الأرعن، وسأظل أمارس صلاحياتي كاملة، وسأحضر اجتماعات المكتب السياسي كلما انعقد".